ماذا نتوقع من عقول تم تشويهها



كتبهاأحلام ، في 26 فبراير 2009 الساعة: 11:08 ص


بالتمعن في الوجوه …يبرز التساؤل : هل تحوي هذه الرؤوس شيئا أم هي خالية؟؟؟؟
ولماذا خالية؟؟؟؟
هل كانت ستتصرف وتسلك بشكل مختلف لو تلقت تعليما صحيحا وتدريبا حقيقيا؟؟؟؟
ولكن الرأس الذي تدل تصرفات صاحبه أنه خاليا….هو رأس لإنسان لم يجد في طفولته الاهتمام الذي يستحقه….لم يجد من يتحدث معه ويعلمه باعتباره إنسان يملك فكرا وعقلا وكيانا…..
كانت الأم مشغولة عنه بأعمال البيت وأعمال أخرى …وتعاملت مع احتياجاتهالمادية ، فهو في رأيها يحتاج للإطعام والتنظيف فحسب…
وفي المدرسة تعامل معه المعلمون وفق مناهج وطرائق تدريس عفى عليها الزمن ولاتتناسب مع هذا العصر ….مناهج تهتم بالكم ولا تُلقي بالا للكيف…تجعل المتعلم متلقي لمجموعة من المعلومات بغض النظر عن حاجات المتعلم وميوله وحتى احتياجات المجتمع الذي ينتمي إليه المتعلم…فلا تعمل المدرسة على تهيئة المتعلم للتكيف في المجتمع وإكسابه المهارات التي تجعل منه مواطن يستطيع المساهمة في خدمة المجتمع فالتعليم بمفرداته منفصل عن المجتمع وحاجاته…
لقد أصبح التعليم مجرد معلومات تُخزن في الذهن حتى يحين موعد الاختبارات…بعدها تُنسى هذه المعلومات التي كانت في غالبها غير مفهومة ومبهمة ولا يشعر الطفل بحاجته إليها ، ولكنه يشعر بثقلها…ويعتبر التعليم كابوسا يجثم فوق صدره ….إضافة للواجبات المنزلية الثقيلة ….
وبعد الحصول على الشهادة ينتهي دور التعليم ، فالشهادة هي الغاية والهدف من التعليم وكل سنوات المعاناة في المدرسة….
المدرسة لم تغرس في هذا الإنسان مبادئ وقيم ، إلا فيما ندر ، والمدرسة لم تدله على طريق البحث والتعلم الذاتي والمستمر ..
وعند خروجه لسوق العمل بعد حصوله على الشهادة الثانوية بعد 12 عاما من عمره على هذه الأرض …يجد نفسه دون أية مهارات وليس له مكان في سوق العمل….وإذا استمر في تحصيل العلم وطلب شهادة أعلى تؤهله للحصول على وظيفة لأن أغلب الوظائف تشترط المؤهل الجامعي ….
في الحرم الجامعي سيتم التعامل معه كما تعاملوا معه سابقا …كطفل قاصر ليس له عقل ولا فكر …ويبدأ أساتذة الجامعة بالإلقاء وفرض المعلومات ويظل هو متلقي يتلقى معلومات مبهمة كثير منها ليس لها علاقة بالعصر والمجتمع الذي ينتمي إليه ولا تؤهله لسوق العمل ….وبعد تخرجه وحصوله على الشهادة الجامعية توظف في القطاع العام - إن كان محظوظا - وانظم لطابور البطالة المقنعة في المؤسسات الحكومية حيث لاحاجة حقيقية له…وشهادته التي يحملها تعني أنه قضى من عمره 4 سنوات يكرر ويعيد أفكار الآخرين وأغلبها أفكار قديمة من مراجع تعود لسنوات طويلة مضت ….
ولكن إذا ضاق به الحال وحاول العمل في القطاع الخاص ، سيكتشف أنه يحمل مجرد ورقة ولكنه لايحمل ما يؤهله للعمل فما هو مطلوب منه في مجال العمل ليس له علاقه بما تعلمه ….ولا بد من تدريبه وإعداده من جديد ….
هذا الإنسان الذي يحمل مؤهلا جامعيا لا يستوعب مأساته فيظن نفسه متعلما ومؤهلا ويبدأ يتعامل مع الآخرين باحتقار لتغطية عجزه وقلة معرفته فهو يفتي في كل المواضيع ويسخر ويسفه كل رأي مخالف له…
هو لا يقرأ ولا يبحث …وأنت تقابله وأمثاله في كل مكان…
الفوضى التي نعيشها هي نتيجة لوجود هؤلاء …أحدهم يحمل لقب دكتور ، ويأخذك العجب كيف حصل على هذه الدرجة العلمية وهو سطحي التفكير يضيق ذرعا بأي نقاش متسلط فيخيل إليك أنه لا يملك سوى حرف الدال أمام أسمه …فهو لايبحث ولا يضيف شيئا ….
والأمر يشبه المثل الذي يتحدث عن السنبلة الممتلئة والسنبلة الفارغة…فالسنبلة الممتلئة بالحبوب تنحني والسنبلة الفارغة تتطاول فهي خفيفة لا تحمل شيئا ….فكلما حمل المرء فكرا تواضع وكلما كان عقله فارغا تطاول عُجبا وفخرا ….
والأمر يشبه الأرض التي تُسقى …فإذا وضعت البذور حتما سيتم جني محصول النبات الذي تم زرعه ، ولكن الزرع الذي يظهر دون زراعة سيكون نباتات عشوائية حملت الرياح بذورها من هنا أو هناك ….
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التصنيفات : تعليم | أرسل الإدراج  |   دوّن الإدراج  

6 تعليق على “ماذا نتوقع من عقول تم تشويهها”

  1. إنها أزمة أمة فقدت مقومات التقدم والرقى
    وللأسف سواعد الهدم أكثر قوة ممن يحاولون البناء
    ولنا الله
  2. أملنا في أن يكون الغد أفضل بإذن الله
    شكرا د. سيد على مرورك الكريم
  3. أسعد الله صباحك/مساءك سيدتي العزيزة..
    بادىء ذي بدء أود أن أشكرك لتشريفي بتعليقك في مدونتي المتواضعة، ثم لا أكتمك إعجابي وانبهاري بما كتبت هنا من فنون شتى جعلتني أؤمن بأن خلف هذا القلم خبرة متراكمة وروح حلّقت في كل واد.
    كتاباتك سيدتي تنم عن التمكن والنضج - في زمن اختلط فيه الحابل بالنابل في فضاء الإنترنت.
    أعود لإدراجك هنا وأستقطع منه:
    “المدرسة لم تغرس في هذا الإنسان مبادئ وقيم ، إلا فيما ندر ، والمدرسة لم تدله على طريق البحث والتعلم الذاتي والمستمر .. ”
    وهذا في رأيي هو بيت القصيد - فمتى ما غرست المبادىء والقيم في نفوس النشىء أصبحت المحرك لحياتهم المستقبلية، أيضاً كلما تمكن المتعلم من أدوات التعلم - استغنى عن معلم ومساند عند كل مشكلة تعترض حياته.
    أشكرك سيدتي - واسمحي لي بأن أكون تلميذ دائم التردد على مدرستك.
  4. الأستاذ/ أديب
    أسعد الله كل ايامك
    أشكرك على كلماتك الرقيقة
    وأهلا بك
    تسعدني وتشرفني كثيرا زياراتك وتعليقاتك الرائعة
  5. بارك الله فى قلمك
    ونفع بأدبك وكلماتك
    وجعله فى ميزان حسناتك
    أدعوكم لزيارة مدوناتى
    (واحه للراحه)و(عطر المسك)
    رابط عطر المسك فى روابط مدونتى واحه
    للراحه والعكس صحيح
    وجزاكم الله خيرا
  6. مرحبا بك نيفين كمال
    أسعدتني بمرورك
    وشكرا على الدعوة الكريمة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصمت عار

فيلم Alpha

الكرد في اليمن، دراسة في تاريخهم السياسي والحضاري 1173 - 1454م لدلير فرحان إسمايل